يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله عليه كنتُ عائداً إلى بيتي قـ,,ـبل المغرب بساعة في يوم من أيّام رمضان ..
فاستوقـ,,ـفني رجلٌ فـ,,ـقيرٌ من الذين يتردّدون على درسي في المسجد تردُّدَ الزائر،
فسلّم عليّ بلهـ,,ـفةٍ أد,معت عينيَّ وقال لي:
أستحلفك بوجه الله أن تفطر عندي اليوم ؟
يقول الشيخ : عقـ,,ـدتْ لساني لهـ,,ـفته
وطوّقت عـ,,ـنُقي رغـ,,ـبتُه
وأشرق في قلبي وجهٌ استحلفني به
فقلتُ له : يا أخي، الأهل بانتظاري وظـ,,ـروفي لا تسمح، ولكن
يقول الشيخ: وجدتُ نفـ,,ـسي أتبعه إلى بيته الذي لا أعرف مكانه، ولا أعرف ظـ,,ـرفه في هذا الوقت الحـ,,ـرج من موعد الإفطار .
يقول : وصلنا إلى بيته، فإذا هو غرفةٌ ومطبخٌ وفناءٌ صغير مكشـ,,ـوفٌ على سطحٍ اشتراه من أصحابه، وله مدخـ,,ـلٌ ودرجٌ خـ,,ـاص من الخشب لا يحتمل صعود شخصين، فخشباته تستـ,,ـغيثُ من وهَنٍ خلَّفَهُ بها الفـ,,ـقر والقِدَ,م .
كانت السعادة تملأ قلب هذا الرجل، وعبارات الشكر والإمتنان تتدفّق من شفتيه وهو يقول لي :
أنظر يا سيدي، هذا البيت ملكي (والملك لله)
لا أحد في الدنيا له عندي قرش
أنظر يا سيدي، الشمس تشرق على غر,,فتي الصبح، وتغـ,,ـرُب من الجهة الثانية
وهنا أقرأ القرآن عند الفجر وقـ,,ـبل المغـ,,ـيب
وزوجتي الله يرضى عليها تجلس على ذلك الشبّاك وتدعو الله لي
والله يا سيدي كأني أسكن في الجنّة .
يتابع الشيخ ويقول :
كل هذا يجري على مسامعي وأنا أصعد على الدرج بحـ,,ـذر خـ,,ـشية السقـ,,ـوط
لحظات ووصلنا إلى الغرفة فجلست، وذهب الرجل إلى زو,,جته،
وسمعت صوتاً خـ,,ـافتاً من صاحب الدار يقول لزو,,جته : جهزي الفطور الشيخ سيفطر عندي اليوم
وصوت زوجته تقول له : والله، ما عندنا أكل غـ,,ـير فول، ولم يبق على أذان المغرب إلاّ نصف ساعة، ولا شيئ عندنا نطبخه، ولو كان عندنا فالوقت لا يكـ,,ـفي !
يقول الشيخ : سمعت هذا الحوار كله،
فلما جاء صاحب الدار قلت له : يا أخي، لي عندك شـ,,ـرط؟
أنا أفطر مع أذان المغـ,,ـرب على ماء ومعي التمر، ولا آكل إلاّ بعد نصف ساعة من الأذان، بعد ما أهضـ,,ـم التمر والماء، وأصلّي وأُنهـ,,ـي وِرْدي اليومي، ولا آكل إلاّ فول مدمّس وبطاطس.
فقال الرجل : أمرك سيدي
فقال الشيخ : إذاً دعني الآن لأختلي مع ربّي
وتمّ ما أراده الشيخ، وأفطر عنده ثم غـ,,ـادر.
يقول الشيخ: لقد اخترت البطاطس لأنها زادُ الفقـ,,ـراء، وأحسبها عندهم
وقد خـ,,ـرجتُ وكلّي سعادةٌ وبهـ,,ـجة، وقد أحببتُ الدنيا من لسـ,,ـان هذا الرجل الذي ما نـ,,ـزلت من فمه عباراتُ الثناء والحمد على نِعم الله وعلى هذا البيت الذي ملّكَهُ الله إيّاه،
وهذه الحياة الجميلة التي يتغنّى بها .
يقول الشيخ :
ثم دُعيت بعد أيام مع مجموعةٍ من الوجهاء على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء، وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب
وكانت الدعوة في مزرعةٍ فخمة فيها مما لذّ وطاب،
ثم دُعيت بعد أيام مع مجموعةٍ من الوجهاء على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء، وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب
وكانت الدعوة في مزرعةٍ فخمة فيها مما لذّ وطاب،
يتوسّطها منزل أقـ,,ـرب ما يكون للقصر، يطلُّ على مسبحٍ ومرْبَـ,,ـط خيل فيه نوادر الخيل الأصيلة
يقول الشيخ: أفطرنا عند الرجل وأثناء المغادرة، انفرد صاحب الدعوةِ بي، وشـ,,ـكى لي من ضـ,,ـيق الحياة وهـ,,ـموم التجارة، ومتاعـ,,ـب الأولاد وسـ,,ـوء طباع زوجته، وطمـ,,ـع من حوله به، وكثرة المصاريف لإرضاء الجميع، وسأَمِه من هذه الحياة، ورغـ,,ـبته بالمـ,,ـۏت ليتخلّـ,,ـص من هذه الهـ,,ـموم .
يقول الشيخ : والله، من باب منزل صاحب الدعوة، إلى باب سيارتي، سَوَّدَ هذا الرجل الدنيا في عيوني،